الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" عندهم مثل قول الله عز وجل {فلما تجلى ربه للجبل} [الأعراف:143] ومثل قوله {وجاء ربك والملك صفا صفا} [الفجر:22] "كلهم يقول ينزل ويتجلى ويجيء بلا كيف لا يقولون كيف يجيء وكيف يتجلى وكيف ينزل ولا من أين جاء ولا من أين تجلى ولا من أين ينزل لأنه ليس كشيء من خلقه وتعالى عن الأشياء ولا شريك له وفي قول الله عز وجل {فلما تجلى ربه للجبل} دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التنزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عز وجل {فلما تجلى ربه للجبل} فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيقوفي قول الله عز وجل {فإن استقر مكانه فسوف تراني} [الأعراف:143] دلالة واضحة لمن أراد الله هداه أنه يرى إذا شاء ولم يشأ ذلك في الدنيا بقوله {لا تدركه الأبصار} [الأنعام:103] وقد شاء ذلك في الجنة بقوله:{وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة:22-23] ولو كان لا يراه أهل الجنة لما قال {فإن استقر مكانه فسوف تراني} وفي هذا بيان أنه لا يرى في الدنيا لأن أبصار الخلائق لم تعط في الدنيا تلك القوة والدليل على أنه ممكن أن يرى في الآخرة بشرطه في الرؤية ما يمكن من استقرار الجبل ولا يستحيل وقوعه ولو كان محالا كون الرؤية لقيدها بما يستحيل وجوده كما فعل بدخول الكافرين الجنة قيد قبل ذلك بما
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 153 - مجلد رقم: 7
|